تاريخثقافة الغربثقافة عالميةسلايد 1فنون عالميةقصص قصيرة

«إبريل الحب».. قصة خفية ترويها الألوان

آرثر هيوز، رسام إنجليزي ولد في27 لندن في يناير/ كانون الثاني 1832، وتوفي في 22 ديسمبر/ كانون الأول 1915، يحسب على مجموعة «ما قبل رافائيل»، وهي مجموعة من الرسامين والشعراء والنقاد الإنجليز، أسسها ويليام هولمان هانت، وجون إيفريت ميليس، ودانتي جابرييل روسيتي في عام 1848. وانضم إلى المؤسسين الثلاثة ويليام مايكل روسيتي، وجيمس كولينسون، وفريدريك جورج ستيفنز، وتوماس وولنر، فشكلوا ما يعرف بـ«الإخوة السبعة».

في حب إبريل

في عام 1855 تزوج هيوز من ترايفينا فورد، التي رسمها لاحقا بين 1855 و1856 في لوحة تعد من أشهر أعماله بعنوان (إبريل الحب)، أو (أبريل لاف)، وأنجب هيوز وزوجته خمسة أطفال بينهم «آرثر فورد هيوز» الذي عمل رساماً أيضاً.

توفي هيوز في كيو جرين، لندن، في عام 1915، تاركاً مئات اللوحات ونحو أكثر من 750 رسماً توضيحياً، وبعد وفاة زوجته في عام 1921، اضطرت ابنتهما إميلي إلى الانتقال إلى منـــزل أصغـــر. فدمرت المخططات المتبقية من إرث والدها، بما فـي ذلك العديد من أوراقه، ومراسلاته الخاصة.. وقد دفن هيوز في مقبرة ريتشموند/ لندن.
تعتبر «إبريل الحـب» من أكثر أعمال هيوز شهرة، ضمن مجموعة «ما قبل رافائيل»، ويظهر عنوانها جوهرهـا، ومعناها، وما أراد هيوز تمثيله من خلال هذه اللوحة هو (الحب)، هو بالتأكيد ليس فقط ذلك الشعور العظيم الذي يشعر به الشخص تجاه شخص آخر، بل أيضاً محرك هذه اللوحة، الذي شعر به الرسام تجاه «الشعر»، و«الرمزية»، وهي من الموضوعات الأثيرة عند كل فنان ينتمي إلى «ما قبل رافائيل».

نهاية الحب

يصور العمل الفني لـ «أبريل الحب» شابة في ثوب أرجواني، وحبيبها، مختبئين في الظل. ونلاحظ بشدة ذلك التباين بين الألوان الزاهية لملابس الفتاة، والظلام الذي لا يسمح لنا برؤية الرجل بطريقة واضحة، ويلتقي الاثنان، بل يختبئان تحت شجر مغطى باللبلاب الذي يبدو أنه منسي تماماً.

زوال الجمال

من لوحاته الشهيرة إلى جانب «في حب أبريل»، نذكر «خطوبة طويلة»، وكلتاهما تصور حالة الأزواج المضطربين، من يفكرون في سرعة زوال الحب والجمال. واستلهم هيوز اللوحتين من عمل (جون إيفريت ميلايس)، «الزوجان»، غير أنه ركز على فكرة حيوية مفادها عدم قدرة الإنسان على الحفاظ على حيوية الشعور بالشباب، مقارنة مع قوة الطبيعة المتجددة.
ومثل ميلايس، رسم هيوز (أوفيليا) التي رسمها فنانون كثيرون، وتوجد اليوم في متحف طليطلة، وهي مستوحاة من أوفيليا شكسبير في عمله البارز «هاملت»، لكنها عند هيوز تصور قصيدة كيتس (ليلة القديس أجنيس).. واستخدم فيها تقنية ثلاثية لتماثل فهمه الخاص لأوفيليا شكسبير باستخدام ألوان ساحرة متوهجة، مع حرفة في الرسم.

عندما يدعم الشعر الفن

تم عرض «أبريل الحب» لأول مرة في الأكاديمية الملكية للفنون عام 1856، وأصر هيوز على إرفاق مقتطف شعري بجانب اللوحة من قصيدة تينيسون (ابنة ميللر) التي نشرت عام 1842، وتقول:
الحب لهفة مبهمة / صف عيون كسلى / طبع خامل يربطنا به / ما هو الحب؟ لأننا ننسى / آه لا، لا.
أراد هيوز، لهذا المقتطف أن يمنح اللوحة معان أخرى، وهذا هو السبب في أنه قرر إجراء بعض التغييرات على المقطع الشعري.

رمزية اللون

هناك قرائن عدة، تجعل المشاهد يفهم اللوحة خاصة من لقاء الفتاة، والشاب، هنا، مقابلة بين لون الليلك المشرق، الذي يرمز إلى حب الشباب، وبتلات الورد المجففة على الأرض، التي تمثل نهاية الحب، والموت. وإذا تمعنا أكثر نرى أن الشاب يحمل وردة ذابلة، وما لا يدع مجالاً للشك حول انفصال الحبيبين، هو وجه الفتاة التي تمتلئ عيناها بالدموع، وهي تنظر بعيداً عن عشيقها.

في النقد الفني

نظر الناقد الفني الرائد جون روسكين، إلى هذه اللوحة بكثير من التقدير، فسلط الضوء على قوتها بعبارات دالة فقال: «رائعة بكل الأحوال، جمال في اللون، دقة في التعبير المرتجف للشفاه، حلاوة الوجه الرقيق، المهتز، مثل ورقة سقتها الريح على الندى، تتأرجح نحو السلام».
ويضيف: «مع ذلك، وعلى الرغم من أن اللوحة تحكي قصة حب الشباب، ونهايتها الحتمية، إلا أن هناك قصة خفية أخرى ترويها الألوان الناعمة والحيوية: المظهر على وجه الفتاة، ولغة جسدها، والأجواء الحالمة والحزينة، وهي العناصر التي تظهر الرقة المسحوقة وتفرد هذا الحب».

استلهام

من الواضح أن هيوز قرر أن يستخدم نموذجاً يجسد زوجته «تريفينا فورد» في لوحة تصور نهاية الحب، حيث وصفها بأنها «حبه المبكر والوحيد»، كما استخدم «تريفينا» في العديد من أعماله، وفي معظمها تبدو حزينة، وغير سعيدة.
هل كان الزوجان يواجهان مشكلة؟ في الواقع، لم يكن بإمكانهما أن يكونا أكثر سعادة: لقد كانا متزوجين للتو، وبعد ذلك، رزقا بأطفال، وظلا متزوجين بقية حياتهما، كانا أكثر حظاً من غيرهما من مجموعة «ما قبل رفائيل»، على سبيل المثال العلاقة المعقدة والشائكة بين (دانتي جابرييل روزيتي)، و(إليزابيث سيدال)، التي جسدها روزيتي في لوحة (ميلايس أوفيليا الشهيرة).

المصدر: الخليج

اترك تعليقاً

إغلاق