ثقافة اسلاميةثقافة عالمية

تحفة معمارية رائعة بتصميم فريد متحف الفن الإسلامي يعكس المشهد الثقافي المزدهر في قطر

تعود روائع متحف الفن الإسلامي إلى مجتمعات مختلفة، منها العلمانية والروحية. وعلى الرغم من أن القطع الموجودة ضمن مقتنيات المتحف مرتبطة قبل كل شيء بالإسلام، إلا أن العديد منها غير ديني في طبيعته.

تم جمع هذه القطع من منازل الأمراء المليئة بالكنوز والبيوت الشخصية للناس العاديين. تروي كل قطعة قصّة رائعة عن أصولها، كما توفر تجربة تفوق بأبعادها المساحة الماديّة لقاعة العرض.

أصبح مبنى متحف الفن الإسلامي الذي صمّمه المعماري الشهير آي. إم. باي رمزاً من رموز قطر. يستمدّ المتحف الواقع على أرض مستصلحة داخل مياه الكورنيش تأثيره من الفن المعماري الإسلامي. ويتكّون المبنى من الحجر الكلسي الذي يعكس تغيرات الضوء ويحولها إلى ظلال متعددة تختلف مع تقدم ساعات النهار.

أمّا الأنماط الهندسية الخاصة بالعالم الإسلامي فتزين فضاءات المتحف وتبيّن ضخامة البناء من الداخل. كما قد خلق التنوع في القوام والمواد الخشبية والحجرية المستعملة داخل المتحف بيئة فريدة تتناسب مع مجموعة مقتنياته المذهلة. بإطلالته الخلابة على الخليج، يشكل متحف الفن الإسلامي أساس المشهد الثقافي المزدهر في الدوحة.

وقد افتتح المتحف أواخر عام 2006.. ورغم ذلك فقد استمرت الإنشاءات والتطويرات في البنية التحتية والداخلية للمتحف ليتم الانتهاء منه وافتتاحه رسميا في أواخر شهر نوفمبر لعام 2008.

برزت فكرة إنشاء المتحف للتعريف بحضارتنا الإسلامية العريقة والعميقة الجذور، مجسدا بذلك رؤية القيادة القطرية الحكيمة في أن تصبح قطر عاصمة للثقافة في الشرق الأوسط ومركزا عالميا للفن، وليكون أيضا هدية قطر للعالم، ينقل العالم إلى قطر، وفي الوقت ذاته يربط الدوحة بالعالم.

فعبر عصور مجيدة، انبعثت حضارة إنسانية شامخة، كانت مزيجا من حضارات أمم انضوت تحت لوائها، وانصهرت في بوتقة واحدة، فكانت الفنون الإسلامية كنتاج لهذا الانصهار، ولتنبثق عناصر حضارية متميزة، طبعها الإسلام بطابعه وفلسفته ورؤاه، وتقدم تراثا فنيا وثقافيا وعلميا ومعماريا تعتز به الأجيال.

جزيرة صناعية

يرتفع صرح متحف الفن الإسلامي في الدوحة، على الجانب الجنوبي من الكورنيش، فوق جزيرة صناعية على بعد 60 مترا من الشاطئ، حيث تضفي على مسطحاته الخارجية أشعة الشمس الساطعة ظلالا وتدرجا في ألوان هذه العمارة الصارمة فتبعث فيها الحياة.. ويغطي المبنى مساحة 35500 متر مربع، وتحيط به حديقة على مساحة 20 ألف هكتار، وتمثل هذه التحفة المعمارية الرائعة آخر أعمال المهندس المعماري العالمي آي.إم. باي الذي قام بتصميم عدد من المباني المهمة حول العالم كالهرم الزجاجي في ساحة متحف اللوفر، صمم المبنى الفريد وفق طراز معماري أخَّاذ، بعد رحلة طويلة عبر الزمان والمكان، قطعها المصمم المبدع، باحثا عن مصدر للإلهام في عمق وروح فنون العمارة الإسلامية، حتى استوحى فكرته من المكان المخصص للوضوء في جامع ابن طولون في مصر الذي شيد في القرن الثالث عشر، كنموذج عظيم لفن العمارة الإسلامية المبكرة.

يجد المرء في هذا الصرح العظيم سبعة طوابق، خمسة منها فوق الأرض، واثنان تحت الماء عبارة عن قبو يحتوي على جميع الخدمات الكهربائية والميكانيكية التي تخدم المتحف، فيما يتضمن الطابق الأرضي المدخل الذي فيه العرض المؤقت، والطابقان الثاني والثالث، للمعارض الدائمة، بينما يتضمن الطابق الرابع قاعات للمحاضرات وقاعات صغيرة للعرض، وأما الطابق الخامس فهو مخصص لبعض المكاتب الإدارية لكبار الإداريين، بالإضافة إلى مطعم مجهز على أحدث طراز، يتيح الفرصة أمام الزوار لتذوق أشهى وألذ المأكولات العالمية.

كما يحتوي المتحف على جزء آخر هو الجناح التعليمي الذي يتألف من مكتبة مجهزة وقاعات للمحاضرات، وغرف العمليات والمرئيات التي تعزز جوانب التعليم والبحث في مجالات الفن الاسلامي.

قطع فنية ثرية

يضم المتحف مجموعة مقتنيات رائعة وفريدة، حيث تتألف من عدة آلاف من القطع الفنية من 3 قارات وتمتد لأكثر من 13 قرنا من الزمن وهذه المجموعة تمثل خريطة سردية صممت خصيصاً لجمهور حديث، تقدم لزوار المتحف تجربة لرحلة عبر كل من الزمن والثقافات والأديان والعصور.

وتضم مجموعة المقتنيات كتبا ومخطوطات وسيراميك ومعادن وزجاجا وعاجا وأنسجة وخشبا وأحجارا كريمة وقطعا نقدية مصنوعة من الفضة والنحاس والبرونز، يعود تاريخ بعضها إلى ما قبل الإسلام. ويعود أحدثها إلى العهد الصفوي، مرورا بالعصرين الأموي والعباسي، وتغطي بذلك جميع مجالات الفن الإسلامي.

ويتكون المتحف من 5 طوابق، وقد استلهم المهندس القائم على البناء التصميم الأساسي للمتحف من نافورة الوضوء الموجودة بمسجد أحمد بن طولون بالقاهرة، مع إضافة لمحات معمارية من العصور الأموية والعباسية.

ويتكون الطابق الأول من مدخل متحف الفن الإسلامي ذي الزخارف المعمارية الفريدة، إلى جانب بعض المعارض المؤقتة التي قد تعقد تحت إشراف الهيئات الثقافية، أما المعارض الدائمة التي تضم مقتنيات المتحف الأساسية فتوجد بالطابقين الثاني والثالث، في حين يحتوي الطابق الرابع على قاعة للمحاضرات والمؤتمرات التي قد تعقد إلى جانب قاعة عرض بالفيديو كونفرنس، ويحتوي الطابق الخامس على بعض المكاتب الإدارية، ومطعم فاخر تم إنشاؤه حديثا.

ويحتوي المتحف على مقتنيات فريدة لا توجد بأي مكان آخر، إذ يحتوي على الكثير من الكتب والمخطوطات النادرة، علاوة على الأحجار القديمة والعملات المعدنية المصنوعة من المعادن النفيسة كالذهب والفضة والنحاس، والتي يرجع بعضها إلى عصور ما قبل الإسلام.

ولا يقتصر نشاط المتحف على عرض المقتنيات النادرة فحسب، بل يتضمن بعض الأنشطة التعليمية، مثل المحاضرات التي تعقد في قاعات المؤتمرات، والتي تدور حول التاريخ الإسلامي القديم، كما توجد مكتبة مجهزة بالكتب والعديد من الوسائل التعليمية التي من خلالها يمكنك الاطلاع على الكثير من المواد الوثائقية التي تدور حول العصور الإسلامية القديمة.

(لوسيل)

اترك تعليقاً

إغلاق